جفاف وفيضانات وخسائر بالمليارات.. أزمات عدة يكشفها تغير المناخ في أمريكا اللاتينية
جفاف وفيضانات وخسائر بالمليارات.. أزمات عدة يكشفها تغير المناخ في أمريكا اللاتينية
تواجه قارة أمريكا اللاتينية العديد من الأزمات المتزامنة جراء تغير المناخ، مثل موجات الحر الشديدة التي أودت بحياة العشرات، بالإضافة إلى موجات الجفاف في بعض الدول، ودول أخرى تعاني من فيضانات شديدة أدت إلى الكثير من الأضرار، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى البحر الذي يهدد المئات من الجزر في البحر الكاريبي.
جفاف نهر الأمازون
تسبب تغير المناخ في حالة جفاف غير عادية، لمنطقة الأمازون، حيث أدى إلى جفاف الأنهار الرئيسية وأدى إلى حرائق في الغابات وهدد سبل عيش ملايين الأشخاص في غابات الأمازون المطيرة، لأول مرة منذ 120 عاما.
ووصل نهر الأمازون، وهو الأكبر في العالم، والعديد من روافده، إلى أدنى مستوياته في 120 عامًا من السجلات العام الماضي. يتدفق خمس المياه العذبة في العالم عبر هذه الغابات المطيرة.
ارتفاع درجات الحرارة في المكسيك
تسببت موجة الحر الشديدة في المكسيك إلى وفاة 30 شخصا خلال 5 أيام، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 155 شخصا منذ مارس الماضي، ولا تزال مستويات المياه في العديد من السدود منخفضة للغاية وتجف البحيرات.
وأعلنت وزارة الصحة المكسيكية أن موجة الحر التي ضربت معظم أنحاء المكسيك منذ مارس أودت بحياة 155 شخصا و30 حالة وفاة جديدة خلال 5 أيام بين 13 و18 يونيو.
وبالنسبة للمياه فإنه لا يمكن إنكار أن ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان في أمريكا اللاتينية تعاني من مشاكل خطيرة فيما يتعلق بالمياه جراء قلة هطول الأمطار إضافة إلى استنزاف المياه الجوفية وارتفاع نسب التلوث.
فيضانات شديدة في البرازيل
وبينما تعاني بعض مناطق القارة من الجفاف الشديد، فإن مناطق أخرى تغرق، كما حدث هذا العام في ريو جراندي دو سول، في جنوب البرازيل، التي شهدت فيضانات غير مسبوقة خلفت ما لا يقل عن 172 ضحية، ونحو 40 في عداد المفقودين، وخسائر اقتصادية تقارب 7 مليارات دولار. وبالإضافة إلى ذلك، اضطر ما يقرب من 580 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم. وفي عاصمتها بورتو أليجري، تم تحطيم الرقم القياسي التاريخي لهطول الأمطار في شهر مايو.
ووفقا للبيانات التي قدمها المعهد الوطني للأرصاد الجوية لهذه الصحيفة فإن الفيضانات هي الأكبر منذ بدء تسجيلها عام 1916.
وتسبب تراكم الأمطار في مايو 2024 في أكبر فيضان تتعرض له المدينة منذ عام 1916، عندما بدأت القياسات. وهذا الرقم أعلى بحوالي 5 مرات من المتوسط المناخي الطبيعي لشهر مايو.
اختفاء جزر البحر الكاريبي
ومن الآثار الأخرى لتغير المناخ ارتفاع مستوى سطح البحر المرتبط بذوبان الجليد، الأمر الذي يجعل بعض جزر الكاريبي غير صالحة للسكن بالفعل، في الأسبوع الماضي، أصبح سكان جزيرة جونا يالا، وهي جزيرة بنمية، أول من يطلق عليهم "لاجئي مناخ" حيث إنهم يضطرون للنقل من الجزيرة التي أصبحت بشكل رسمي غير صالحة للسكن، وفي الوقت نفسه، تنظر الجزر المجاورة بارتياب إلى ما يبدو أنه المصير الحتمي لبعضها.
وفي بنما وحدها، يمكن أن تختفي 365 جزيرة بحلول عام 2050، وهي دولة يبلغ طول ساحلها ما يقرب من 3000 كيلومتر ويعيش فيها 50% من سكانها، وذلك بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، وفقًا لتقديرات وزارة البيئة في ذلك البلد.
خسائر قناة بنما
في قناة بنما فإن قلة هطول الأمطار سيترجم هذا العام إلى خسائر تقدر ما بين 500 و700 مليون دولار، كما حذر مدير هيئة قناة بنما، ريكورتي فاسكيز، في بداية العام.
وفي عام 2023، هطلت الأمطار بنسبة 25% أقل من المعتاد، وكان هذا هو العام الثاني الأكثر جفافًا خلال الـ73 عامًا الماضية، مما أجبر القناة على تقييد الوصول وحجم السفن المارة بسبب انخفاض مستوى احتياطيات المياه في بحيرتي جاتون والحجويلا مما سمح لها فقط بتخزين 50% من المياه اللازمة لمواجهة موسم الجفاف 2024. ورغم أنهم تمكنوا العام الماضي من الإغلاق دون خسائر بسبب زيادة رسوم العبور، فإن الجفاف هذا العام سيؤثر عليهم.
قضية التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
اتفاق تاريخي
وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.
ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".